اللص الفقيه، سرق ملابس القاضي في الصحراء وأحرجه بهذه الردود
من #كتاب_الأذكاء لابن الجوزي رحمه الله
في ذكر طرف من فطن المتلصلصين
وهي قصة على لسان أحد جلساء العلامة الفقيه عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون تلميذ الإمام مالك. قصة حقيقية لأحد اللصوص الذي تقابل مع أحد القضاة في الصحراء ودار بينهما حديث أعجب به القاضي على الرغم من تعرضه للسرقة
وأطلق من بعدها على هذا اللص كلما جاءت حكايته اللص الفقيه. وها هي حكاية اللص الفقية. عن أحمد بن المعدل البصري قال : كنت جالسا عند عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون فجاءه بعض جلسائه، قال : خرجت إلى حائطٍ لي بالغابة
فلما دخلت في الصحراء وبعدت عن البيوت، تعرض لي رجل فقال : اخلع ثيابك، فقلت : وما يدعوني إلى خلع ثيابي. قال : أنا أولى بها منك، قلت : ومن أين ؟! قال : لأني أخوك ؛ وأنا عريان وأنت مكسو، قلت : فأعطيك بعضها.
قال : كلا ؛ قد لبستها كلها ، وأنا أريد أن ألبسها كلها كما لبستها كلها. قلت : فتعريني ، وتبدي عورتي، قال : لا بأس بذلك ؛ قد روينا عن الإمام مالك أنه قال: لا بأس للرجل أن يغتسل عريانا فلا مانع، قلت : فيلقاني الناس ، فيرون عورتي
قال : أي ناس! لو كان الناس يرونك في هذه الطريق ما عرضت لك فيها من الأساس هذه طريق لا يمر فيها الناس. فقلت : أراك ظريفا ؛ فدعني حتى أمضي إلى حائطي وأنزع هذه الثياب فأوجه بها إليك. قال : كلا ؛ أردت أن توجه إلى أربعة من عبيدك
فيحملوني إلى السلطان فيحبسني ويمزق جلدي ويضع يدي ورجلي في القيد. قلت : كلا ؛ أحلف لك أيمانا أني أوفي لك بما وعدتك ولا أسوءك، قال : كلا ؛ فقد روينا عن الإمام مالك أنه قال: لا تلزم الأيمان التي يحلف بها للصوص
فلا يلزمك الوفاء بيميني على مذهب الإمام مالك، قلت : فأحلف أني لا أختل في أيماني هذه ولا أنقض عهدي معك، قال : هذه يمين مركبة على أيمان اللصوص فتقاس عليها فتأخذ نفس حكمها، قلت: فدع المناظرة بيننا
فوالله لأوجهن إليك هذه الثياب طيبة بها نفسي. فأطرق ثم رفع رأسه وقال : أتدري فيم فكرت ؟قلت : لا، قال : تصفحت أمر اللصوص من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا فلم أجد لصا أخذ نسيئة يعني قبض السلعة مع تأخير الثمن
لم أجد لصا أخذ نسيئة وأنا أكره أن أبتدع في الإسلام بدعة يكون علي وزرها ووزر من عمل بها بعدي إلى يوم القيامة، اخلع ثيابك. قال : فخلعتها ودفعتها إليه فأخذها وانصرف .