كيف مات حمزة بن عبد المطلب وماقصة اسلام وحشي قاتل حمزة
حمزة عمّ النبيّ صل الله عليه وسلم
اولا صحة مأكل كبد حمزة ما يذكره كثير من أهل المغازي والسير من أن هند بنت عتبة رضي الله عنها تناولت كبده رضي الله عنه بعد مقتله فلاكتها ، فلم تستسغها : لم يثبت في حديث صحيح ، وإليك البيان :
أولا : روى الإمام أحمد : حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، فذكر الحديث في غزوة أحد ، وفيه : " ... فَنَظَرُوا فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ، وَأَخَذَتْ هِنْدُ كَبِدَهُ فَلَاكَتْهَا، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَأْكُلَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَأَكَلَتْ مِنْهُ شَيْئًا ؟ ) قَالُوا: لَا. قَالَ: ( مَا كَانَ اللهُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ حَمْزَةَ النَّارَ ) .
وهذا إسناد ضعيف ، عطاء بن السائب كان قد اختلط ، قال الحافظ في التقريب (ص 391) : " صدوق اختلط "
وسماع حماد - وهو ابن سلمة - منه كان قبل الاختلاط وبعده ، ولم يتميز حديثه قبل الاختلاط عن حديثه بعده .
انظر : "التهذيب"
حمزة بن عبدالمُطَّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب، عمّ النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأخوه في الرضاعة، أمّه هي هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مُرّة، ابنة عمِّ آمنة بنت وهب والدة النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-. وُلِد حمزة -رَضِيَ الله عنه- قَبل النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- بسنتيْن، وقِيلَ بأربع، عِلماً بأنّ حمزة -رَضِيَ الله عنه- كان سيِّداً في قومه، وشريفاً من أشراف قريش، وقد كان ذا هَيبة، وكلمة بينهم، ولذلك كان إسلامه مصدر قوَّة وعِزَّة للمسلمين، وعندما أَدْركتْ قريش أنَّ أحد أهمّ رجالاتها قد أعلن إسلامه، وأَعْلَنَ انضمامه إلى صفوف النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، كَفُّوا عن النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- شيئاً من أَذاهم
وَرَدَ في قصّة إسلام حمزة -رَضِيَ الله عنه- أنَّه كان قد اعتاد الذهاب إلى الصيد بقَوسه، فأَقبل أبو جهل يوماً، وهو يَسُبُّ النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ويشتمه شَتْماً قبيحاً بين الناس، بينما لم يَرُدّ عليه النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- بكلمة، ثمَّ انصرف، وقد كانت جاريةٌ لعبد الله بن جدعان تسمع الحديث من مَسْكَن لها، فلمَّا عاد حمزة من صَيده، أخبرته الجارية بما حصل، وبأنَّ النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يَرُدّ بكلمة على أبي جهل، فغضب حمزة -رَضِيَ الله عنه- غضباً شديداً، وتَوَجَّه إلى الكعبة، حيثُ يُوجَد نادٍ لقريش كان فيه أبو جهل، فأَقبل حمزة -رَضِيَ الله عنه- على أبي جهل، فضربه ضربة بقَوسه، فَشَجَّه، ثم صاح فيه: "أتشتمُه وأنا على دينه، وأقول ما يقول؟" ثمَّ تَحَدَّى حمزة -رَضِيَ الله عنه- أبا جهل في ردّ الضربة التي ضربها إيّاه، وقد صَعُب ذلك على بعض القوم الجالسين، وأرادوا أن يَردّوا الضربة لحمزة، فنهاهم أبو جهل، واعترف بسوء الفعل الذي آذى به نبيّ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ومنذ ذلك اليوم، أَعْلَنَ حمزة -رَضِيَ الله عنه- إسلامه، وصار من صحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
وفاة حمزة بن عبد المطلب
حَضَرَ حمزة -رَضِيَ الله عنه- ما استطاع من غزوات مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، منها: غزوة بَدْر، ثمّ كان استشهاده في غزوة أُحُد، ومن الجدير بالذكر أنَّ غزوة أُحُد وقعت في شهر شوّال من السنة الثالثة للهجرة، حين تقابل المسلمون، والمشركون على أطراف المدينة، وحضر سيّد الشُّهداء حمزة -رَضِيَ الله عنه- بسيفَيْن يقاتل بهما في سبيل الله، وهو يقول: "أنا سيف الله"، وفي رواية عنه أنَّه كان يُسَيِّر خَيلَه برُكبتيْه، ويحمل سيفاً باليمين، وسيفاً باليسار.[٢] في رواية للبخاريّ، ورد أنّ حمزة -رَضِيَ الله عنه- قَتَلَ رجلاً في بَدْر هو طُعَيْمَة بن عَدِيٍّ بن الخِيار، فَرَغِبَ ابن أخيه في الانتقام له، وهو جُبير بن مطعم، فأرسل في غزوة أُحُد عبده المُسمّى ب(وَحْشيّ)، وحَمَّله مهمّة واحدة، هي قَتْل حمزة، ووَعَدَه إنْ هو قَتَلَ حمزة -رضي الله عنه- أنْ يُعتِقَه، ويمنحه حُرّيته، فأقبل وحشيّ لا يَنْوي على شيء سِوى قَتل حمزة؛ لينال به الحرّية، ويروي وحشيّ تفاصيل قَتله لحمزة -رَضِيَ الله عنه-، فيقول فيها: إنَّه كان يراقبه منذ بداية أحداث المعركة؛ حتى يقتلَه، فوجده شجاعاً كالسَّبع، يَهِدّ بسيفه مَنْ يلقى من المشركين، فَكَمَنَ له وحشيّ خلف صخرة ينتظره، حتى إذا اقترب منه حمزة -رَضِيَ الله عنه- أرسل إليه سَهْمَه، فدخل في ثنته (أسفل البطن)، وخرج من بين وِركيْه، فَخَرَّ شهيداً.[٢] Volume 0% وبالرغم من استشهاد حمزة -رَضِيَ الله عنه-، إلَّا أنَّ غَيْظ المشركين، وحنقهم على المسلمين كان شديداً، فأقبلوا يُمَثِّلون بجُثَثِ الشُّهداء، ومنهم جُثّة حمزة سيّد الشُّهداء؛ فَجَدَعوا أنفه، وقطعوا أُذنَه، وبَقَرُوا بطنه، وقد حَزِن النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- حُزناً شديداً على عَمِّه، إذْ رآه على هذا الحال، وقد كان يُحبّه كثيراً، ولَمَّا رأى المسلمون حُزْن النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قالوا: "والله لَئِن أظفرنا الله بهم يومًا من الدَّهر، لنُمَثِّلنَّ بهم مُثْلةً لم يُمثّلها أحدٌ من العرب"، فأنزل الله -تعالى- قوله: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)،[٣] فعَفا النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن ذلك، وصَبَرَ، ونهى عن التمثيل بالقتلى.
دفن حمزة رضي الله عنه مع ابن اخته في قبر واحد في المدينة المنورة في بطن جبل أحد، وبالتحديد شمال المسجد النبوي الشريف، وهي مقبرة شهداء أحد والتي تضم قبر 70 صحابياً.