قصة لجنة الامتحان والتي نعيشها سنويا !! قصة روعة
وقف مراقب اللجنة قبل بدء الامتحان قائلًا: أيها الطلاب انتبهوا: الاختبار قصير، ومدته لن تزيد عن ثلاثين دقيقة فقط، ثلاثون دقيقة ويُجمع الورق، ولن يُمدَّ لأحدكم ربعُ دقيقة أخرى أفهمتم؟! ربع دقيقة لن يُسمح بها. ابدأوا في الإجابة من أول لحظة؛ فالوقت يمر سريعًا، لقد أبلغتكم بالتنبيهات قبل بدء الامتحان، وقد أعذر من أنذر!! بدأ بعض الطلاب يستمع للمراقب بإنصات واهتمام، وبدت أدواتهم مرتبةً، وأقلامهم في أيديهم، ينتظرون ورقة الاختبار ليلتهموها من أول دقيقة. أما غالبية الطلاب فقد ظهرت عليهم دلائل اللامبالاة وعدم الاكتراث لكلام المراقب، فإذا بهم- أثناء حديثه- يتقاذفون الأدوات، ويتمازحون فيما بينهم، غير منتبهين إلى كلام المراقب. دق جرس البداية، وأمسك الفريق الأول ورقة الامتحان بسرعةٍ ولهفةٍ، وسرعان ماقرأوها وعرفوا المطلوب من أسئلتها، وبدأت الأقلام تجري بالإجابة على أسئلتها جريان السفينة على الماء، يفرغون من إجابة السؤال الأول فينتقلون للثاني والثالث والرابع؛ حتى انتهَوا من الإجابة في الدقيقة العشرين، ثم بدأوا يراجعون إجابتهم في الدقائق العشر الأخيرة، فعدَّلوا الخطأ منها، وتأكَّدوا من الصواب حتى فرغوا من الامتحان قبل موعده بدقيقة وهم في قمة الفرح لما يستشعرونه من التوفيق والقبول. أما بقية الطلاب فبعضهم ضيَّع الوقت في قراءة الامتحان، ولم يُجِب بعدُ على أي سؤال، وبعضهم ظلَّ يلهو ويلعب حتى مضى الوقت. كنت أنا من غير المنتبهين لما يقوله المراقب قبل بدء الامتحان، فقد كنت مشغولاً ببري الأقلام وإعداد الأدوات، وبعد توزيع الأوراق بدأتُ إجابتي متكاسلاً حتى فاتت خمس دقائق فلمحني صديقي (م)- وكان من المتفوقين كل عام- فقال لي بشدة: ألم تشبع رسوبًا؟! كل عام تدخل الاختبار وترسب أليس لك في صديقنا (و) عبرةٌ؟! ظل يلهو في هذا الاختبار كل عام حتى مات ولم ينجح في اختبار واحد..!! أسرِع وإلا أصابك ما أصابه. أيقظت كلماتُه كلَّ ذرة في كياني، وأخذت أسرع في إجابتي حتى أنهَيت الاختبار في آخر دقيقة، وعندما دق الجرس قفزتُ فرحًا سعيدًا، واحتضنت صديقي (م) وقبَّلتُه، وبكَينا سويًّا من شدة الفرح. تلفتْنا حولنا فوجدنا عددًا كبيرًا من الناس بين واجمٍ وشاردٍ وباكٍ حزنًا على فشلهم في الاختبار.. ربما للمرة العشرين، وربما للمرة الثلاثين، وأكثر ما تأسَّفت على صديقي (ك) الذي قال له المراقب- وهو خارج من باب اللجنة-: معذرة يا (ك)، كنت أتمنى أن أخدمك، ولكن جاءني قرار بحرمانك من كل الامتحانات المقبلة؛ لأنك تجاوزت مرات الرسوب. أعرفت قصة رمضان باختصار؟! امتحان محدد سلفًا، ومع ذلك الراسبون أضعاف أضعاف الناجحين!! سهام يصوبها الموت على من جاء دورُه، فلا يدخل اللجنة المقبلة التي ضيَّع مثلها عشرات المرات. وها هي لجنة الامتحان تنعُقد ثلاثين يومًا- عفوًا- أقصد ثلاثين دقيقة، وقد أوشكت على النفاد...فتدبر أمرك، وأقبل بقلبك وروحك وعقلك، فمن يدري هل سندخل الامتحانات المقبلة أم سنكون من الراحلين.
فيا شهر الصيام فدتك نفسي
تمهل بالرحيل والانتقال
فما أدرى إذا ما العام ولَّى
وعدت بقابل في خير حال
أتلقاني مع الأحياء حيا
أوَ انك تلقني في اللحد بالي