اللُّثْغَةُ في الحروف - لسان الضاد
هل تعاني من اللُّثْغَةُ في أحد الحروف
ليست مشكلة عظيمة فهناك من استطاع أن يتغلب عليها
في وقت كانت العرب فيه تدقق النظر في كل كلمة وكل حرف
وسنورد القصة منتصف هذه الحلقة عن
واصل بن عطاء الذي خطب خطبة عصماء تخلو من حرف الراء
لأنه كان لديه فيه لثغة
في كتابه البيان والتبيين يتعرّض الجاحظ إلى اللُّثْغَةُ
في اللسان بأنواعها
وقال الجاحظ أنّ ما يحضره ذكره من الحروف التي تدخلها لثغــة هو أربعـة أحـرف:
السيـن والقاف واللام والراء.
فاللثغة التي تعرِض للسين فتكون ثاء كقول
باثم الله إذا أرادوا بسم الله
واللثغة التي تعرِض للقاف فإن صاحبها يجعل القاف طاءً
فإذا أراد أن يقول: “قُلت له“، قال: “طلت له“،
وأراد أن يقول: “قال لي” قال: “طال لي“.
وأمّا اللثغة التي تقع في اللام فإن مِن أهلِها مَن يجعل اللام ياءً
فيقول بدل قوله اعتلَلْتُ اعتَيَيتُ؛
وبدل جَمَل جمَي.
أمّا اللثغة التي تقع في الراء فإن عددها ضعف عدد اللثغة في اللام
لأنّ الذي يعرض لها أربعة أحرف.
فمنهم مَن إذا أراد أن يقول عَمْرو قال عَمْي فيجعل الراء ياءً،
ومنهم من إذا أراد أن يقول عَمْرو قال عَمْذْ فيجعل الراء ذالاً؛
ومنهم من إذا أراد أن يقول عَمْرو قال عَمْغْ فيجعل الراء غيناً
ولكن بحسب الجاحظ ليست كل لثغة قبيحة إذ يعدّ لثغة الغين أقلّها قبحاً
وأكثر ما توجد في كبار الناس وبلغائهم وأشرافهم وعلمائهم.
ثمّ يبدأ الجاحظ فيما أورد يتخيّل أصحاب اللثغة هؤلاء وهم ينشدون شعراً فيختار بيتاً من تغزّل عُمر بن أبي ربيعة بِهِند، ويُجريه على ألسنتهم والبيت يقول
واستبدَّتْ مرَّة واحدةً إنما العاجز من لا يستبد
قال الجاحظ إنّ الذي يجعل الراء ذالاً إذا أنشد بيت عُمَر:
قال: واستبدّت مَذّةً واحدةً إنما العاجز من لا يستبد
أمّا الذي يجعلها ياءً فيقول: واستبدّتْ مَيّةً واحدة
والذي يجعلها ظاءً ينشد البيت: واستبدّت مَظّةً واحدِةً
والذي يجعلها غَيْناً يقول: واستبدّتْ مَغّةً واحدةً
وقال الأصمعي إذا تتعتع اللسان في التاء فهو تَمتام
وإذا تتعتع في الفاء فهو فَأفاء
وكان واصل بن عطاء صاحب لثغة شنيعة في حرف الراء
ولكن الله عوضه فطنة وفصاحة وحسن تصرف في القول
إذ كان يجد الحيلة للتهرب من هذا العيب المحرج في النطق،
فيجانب لفظ الراء إلى سواه من الحروف
فيجعل البُر قمحاً، والفراش مضجعاً، والمطر غيثاً، والحفر نبشاً،
وقد أوردت كتب الأدب خطبة كاملة لواصل بن عطاء تجنب فيها حرف الراء
إذ جاء فيها
” بسم الله الواحد العظيم… " ولم يقل الرحمن الرحيم"
الحمد لله القديم بلا غاية, والباقي بلا نهاية, الذي علا في دنوه, ودنا في علوه, فلا يحويه زمان, ولا يحيط به مكان
وهي خطبة طويلة جزلة
اختتمها بقوله:
أعوذ بالله القوي, من الشيطان الغوي "ولم يقل الشيطان الرجيم"
وأنها قائلا
وأستعتبُ الله لي ولكم.
حتى لا يقول أستغفر الله لي ولكم
وأنشد الجاحظ رحمه الله قولَ الشاعر في واصل بن عطاء:
ويجْعَلُ البُرَّ قمحًا في تصرُّفِه ... وجانَبَ الرّاءَ حتّى احتال للشَّعَرِ
ولم يُطِقْ مَطرًا والقولُ يُعْجِلُه ... فعاذَ بالغَيثِ إشفاقًا مِن المَطَرِ
أي يقول قمحا بَدَلَ البُرّ "البيت الأول"
ويقول غيثا ولا يقول مطرا "البيت الثاني"
وتكثر في كتب الأدب ومنها مروج الذهب عن قصص يحاول فيها خصوم واصل ابن عطاء الإيقاع فيه بذكر حرف الراء عبر اختباره بعبارات يكثر فيها هذا الحرف
ومنها أن دفع أحدهم إليه بورقة كتب فيها
“أمر أمير الأمراء، بحفر بئر في قعر الصحراء، يشرب منه الحاضر والمسافر”
فأمعن واصل النظر فيها وقال أمام الحاضرين
“قضى والي الولاة، بشق جبّ في وسط البيداء، يستقي منه الظاعـن والمقـيم.
وللقصة روايات أخرى كثيرة كلها تؤكد على قريحة عظيمة وفطنة حاضرة لواصل بن عطاء
للمزيد من الفيديوهات تابعونا على موقعنا الرسمي: https://www.mohtawa.ae
تابعونا على:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Official Website| https://www.mohtawa.ae
Facebook| https://www.facebook.com/mohtawaae
Twitter| https://twitter.com/mohtawaae
Instagram| https://www.instagram.com/mohtawaae
محتوى منصة تهتم بالشباب العربي المعرفي من مواضيع تشمل "علوم - ثقافة - اجتماع - فضاء - تاريخ - طب - صحة - لايف ستايل - فن - رياضة - أخبار - سياسة - برامج