مواقف العظماء والصالحين، مجموعة قصص رائعة ومؤثرة (لا تفوتك)
مواقف العظماء والصالحين
(1)
كان علي بن الحسين زين العابدين يحمل الصدقات والطعام ليلًا على ظهره، ويوصل ذلك إلى بيوت الأرامل والفقراء في المدينة، ولا يعلمون من وضعها، وكان لا يستعين بخادم ولا عبد أو غيره.. لئلا يطلع عليه أحد.
قال محمد بن إسحاق: كان ناس بالمدينة يعيشون لا يدرون من أين يعيشون ومن يعطيهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك فعرفوا أنه هو الذي كان يأتيهم في الليل بما يأتيهم به.
ولما مات وجدوا في ظهره وأكتافه أثر حمل الجراب إلى بيوت الأرامل والمساكين في الليل.
وقيل إنه كان يعول مائة أهل بيت بالمدينة ولا يدرون بذلك حتى مات.
المصدر:
«البداية والنهاية» (9/123)، «سير أعلام النبلاء» (4/393)، وابن عساكر (12/21)، وانظر: «الحلية» (3 /136).
(2)
هذا أبو الحسن محمد بن أسلم الطوسي، يقول عنه خادمه أبو عبد الله، كان محمد يدخل بيتا ويُغلق بابه، ويدخل معه كوزًا من ماء، فلم أدر ما يصنع، حتى سمعتُ ابنًا صغيرًا له يبكي بكاءه، فَنهتهَ أمُهُ، فقلتُ لها: ما هذا البكاء؟
فقالت إن أبا الحسن يدخل هذا البيت، فيقرأ القرآن ويبكي، فيسمعه الصبي فيحكيه، فإذا أراد أن يخرج غسل وجهه؛ فلا يُرى عليه أثر البكاء.
المصدر:
«سير أعلام النبلاء» (12/ 201)، و«حلية الأولياء» (9 / 243).
(3)
يقول محمد بن أعين وكان صاحب ابن المبارك في أسفاره: كنا ذات ليلة ونحن في غزو الروم، فذهب عبد الله بن المبارك ليضع رأسه ليريني أنه ينام، يقول فوضعت رأسي على الرمح لأريه أني أنام كذلك، قال: فظن أني قد نمت، فقام فأخذ في صلاته، فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر وأنا أرمُقُه، فلما طلع الفجر أيقظني وظن أني نائم، وقال: يا محمد، فقلتُ: إني لم أنم، فلما سمعها مني ما رأيته بعد ذلك يُكلمني ولا ينبسط إليّ في شيء من غزاته كلها، كأنه لم يعجبه ذلك مني لما فطنت له من العمل، فلم أزل أعرفها فيه حتى مات، ولم أر رجلًا أسرَّ بالخير منه.
المصدر:
«الجرح والتعديل» (1/ 266).
(4)
عن محمد بن عبد الله الأنباري قال:
سمعت فضيلا يقول: لما قدم هارون الرشيد إلى مكة قعد في الحجر هو وولده وقوم من الهاشميين وأحضروا المشايخ فبعثوا إلي فأردت أن لا أذهب فاستشرت جاري فقال: اذهب لعله يريد أن تعظه.
فدخلت المسجد فلما صرت إلى الحجر قلت لأدناهم: أيكم أمير المؤمنين؟
فأشار إليه فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
فرد علي وقال: اقعد.
ثم قال: إنما دعوناك لتحدثنا بشيء وتعظنا.
فأقبلت عليه فقلت: يا حسن الوجه حساب الخلق كلهم عليك.
فجعل يبكي ويشهق فرددت عليه وهو يبكي حتى جاء الخادم فحملوني وأخرجوني وقال: اذهب بسلام.
المصدر:
سير أعلام النبلاء، ص440 - مجلد رقم: 8
(5)
عن الربيع بن سلمان قال سمعت الشافعي رحمه الله يقول: وسأله رجل عن مسألة فقال: روي فيها كذا وكذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له السائل يا أبا عبد الله تقول به؛ فرأيت الشافعي أرعد وانتفض وقال: يا هذا أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا أرويت عن رسول الله ح حديثًا فلم أقل به؛ نعم على السمع والبصر.
المصدر:
صفة الصفوة
(6)
لقي عمر رضي الله عنه أناسًا من أهل اليمن، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، فقال: بل أنتم المتواكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله.
المصدر:
رواه ابن أبي الدنيا «التوكل» (ص 61).
(7)
قال أبو قدامة الرملي قال: قرأ رجل هذه الآية: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ۚ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان:58] فأقبل على سليمان الخواص فقال: يا أبا قدامة ما ينبغي لعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله في أمره، ثم قال: والله يا أبا قدامة لو عامل عبد الله بحسن التوكل عليه، وصدق النية له بطاعته لاحتاجت إليه الأمراء، فمن دونهم، فكيف يكون هذا يحتاج وموئله وملجؤه إلى العزيز الحميد.
المصدر:
«بغية الطلب في تاريخ حلب» (4/ 378).
(8)
عن ابن إسحاق أنه لما مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتسارع الناس ومنهم أهل نجران إلى الردة قام فيهم فقال إنكم لأن تزدادوا من هذا الأمر أحوج إلى أن تنقصوه فإن الافتكار الشك بعد اليقين ودينكم اليوم دينكم بالأمس فكونوا عليه حتى تخرجوا به إلى رضا الله تعالى ونوره ثم أنشدهم:
أهل نجران أمسكوا بهدى اللـ
ـه وكونوا يدًا على الكفار
لا تكونوا بعد اليقين إلى الشـ
ـك وبعد الرضا إلى الإنكار
واستقيموا على الطريقة فيه
وكونوا كهيئة الأنصار
المصدر:
«الإصابة في معرفة الصحابة» (ج 2 / ص 379).
(9)
روى عن حاتم الأصم انه قال له رجل من أين تأكل فقال من خزانته فقال الرجل يلقى عليك الخبز من السماء فقال لو لم تكن الأرض له لكان يلقيه من السماء فقال الرجل أنتم تقولون الكلام فقال لم ينزل من السماء إلا الكلام فقال الرجل أنا لا أقوى لمجادلتك فقال لأن الباطل لا يقوم مع الحق.
(10)
يقول الرازي: ويحكى أن ولد الغراب كما يخرج من قشر البيضة يخرج من غير ريش فيكون كأنه قطعة لحم أحمر، والغراب يفر منه ولا يقوم بتربيته، ثم إن البعوض يجتمع عليه لأنه يشبه قطعة لحم ميت، فإذا وصلت البعوض إليه التقم تلك البعوض واغتذى بها، ولا يزال على هذه الحال إلى أن يقوى وينبت ريشه ويخفى لحمه تحت ريشه، فعند ذلك تعود أمه إليه، ولهذا السبب جاء في أدعية العرب: يا رازق النعاب في عشه، فظهر بهذه الأمثلة أن فضل الله عام، وإحسانه شامل، ورحمته واسعة.
المصدر:
«تفسير الرازي» (ج 1 / ص 212)، و«العقد الفريد» (2/ 482).