شعر عن السهر والحب
أبيات عن السهر
أسهَرَ الحبُّ قلوبًا نائمة، فطالعَها خَفقًا، وكشف عنها بصيرتَها، فتجلّت ورأت.
قال سمنونُ المُحبّ
أحنّ بأطراف النهار صبابةً وبالليل يدعوني الهوى فأجيبُ
وأيامُنا تفنى وشوقي زائد كأنّ زمان الشوق ليس يغيب
قال نَسيب عريضة:
حَدَّثَ الشاعرُ عن نُورِ القَمَر وافتِرارِ الليلِ عن ثغرِ السَحَر
عن شُمُوسٍ سَطَعت أنوارُها تَملأ الأرضَ سُرورًا والبَشَر
عن رياض فتحت أحضانَها لعِناقِ الصَبِّ في ظِلِّ الشجَر
عن جمالِ الغيدِ في فِتنَتِهِ عافَ هاروتُ الخُلُودَ المُنتَظَر
عن عُيونٍ حَلَّها سِحرُ الحَوَر وخُدودٍ مَسَّها لُطفُ الخَفَر
وقُدودٍ قد طَغى الحُسنُ بها جائرًا جَورَ اقتِدارٍ وظَفَر
ينظُرُ الصَبُّ إِليها كَلِفاً حَسبُهُ من نَظرَةٍ بعضُ الوَطَر
عن نُفوسٍ ظَفِرَت في عَيشِها بالذي يرجو مُحبّ قد صَبَر
عن ليالٍ عَبَرَت ما عابَها في التَلاقي والرِضى إِلّا القِصَر
عن أمانٍ لألأت في لَيلِها فاز راجِيها بها قبلَ السَحَر
عن حياةِ المَجدِ والحبِّ كما يَشتَهيها رَهطُ فرسانِ السَمَر
عن جِنانٍ وُعِدَ الخَلقُ بها وعلى كَوثَرِها نِعمَ المَقَرّ
كلُّ هذا مُطرِبٌ تَسمَعُهُ نفسُ مَحزونٍ فيُنسِيها الكَدَر
وأنا أَحسِبُ نفسي شاعرًا جاشَ في قلبي عزِيفٌ من وَتَر
قال بشارُ بنُ برد:
طال هذا الليلُ بل طال السهر ولقد أعْرِفُ ليلي بالقِصَر
لم يَطُل حتى جفاني شادِنٌ ناعم الأطراف فتان النظر
لي في قلبي منه لَوْعَةٌ مَلَكَتْ قلبي وسَمْعِي والبَصَر
وكأنّ الهَمَّ شَخْصٌ مَاثِلٌ كلَّما أبْصَرهُ النَّوْمُ نَفَرْ
قال عمرُ بنُ أبي ربيعة:
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ تَقاصَرَ طولُهُ وَما كانَ لَيلى قَبلَ ذَلِكَ يَقصُرُ
وَيا لَكَ مِن مَلهىً هُناكَ وَمَجلِس لَنا لَم يُكَدِّرهُ عَلَينا مُكَدِّرُ
يَمُجُّ ذَكِيَّ المِسكِ مِنها مُفَلَّجٌ رَقيقُ الحَواشي ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ
تَراهُ إِذا تَفتَرُّ عَنهُ كَأَنَّهُ حَصى بَرَدٍ أَو أُقحُوانٌ مُنَوِّرُ
وَتَرنو بِعَينَيها إِلَيَّ كَما رَنا إِلى رَبرَبٍ وَسطَ الخَميلَةِ جُؤذُرُ
قال البحتري:
كم ليلةٍ أحييتُها بِحَديثهِ ولذِيذِ رَشْفٍ عند ذَوْقِ الكاسِ
ما غمَّضتْ عَيْنٌ لِفقدِ خَيَالهِ والقلبُ فِيهِ بَلاَبِلُ الوسواسِ
كل الدَّلاَلِ مِنَ الحبيبِ مُعَشَّقٌ إلا دلالَ صُدُودِهِ والياسِ
إنْ كَانَ جِداً مِنْهُ ساَلَتْ مُهْجَتي أُو كان هَولاً مَا بِهِ مِنْ بَاسِ
ولَسَوْفَ يَذْكُرُ خَالِيًا أُنْسِي به وخَلاَءَهُ مِنَّي ومِنْ إينَاسي
وترُدُّهُ سَهْلاً إِليَّ عَطَائِفٌ كمْ قَدْ عَلِقْنَ لَناَ بِقَلْبٍ قاسي
قال ابنُ زيدون:
يا ليلُ طُلْ، لا أشتَهي إلاّ بِوَصْلٍ قِصَرَكْ
لوْ باتَ عندي قمرِي ما بتُّ أرعَى قمرَكْ
يا ليلُ خبّرْ: أنّني ألْتذُّ عنْهُ خبرَكْ
بِاللَّهِ قُلْ لي: هَلْ وَفَى؟ فَقالَ: لا، بَل غَدَرَكْ
قال أبو نُواس:
تَفْتيرُ عينيكَ دليلٌ على أنّكَ تشْكو سهرَ البارِحَهْ
عليكَ وجهٌ سيءٌ حالُهُ من ليلةٍ بتَّ بها صالحهْ
رائحة ُ الخمرِ ولذّاتُها والخمرُ لا تخفَى لها رائحهْ
وغادةٍ هاروتُ في طرفِها والشمسُ في قَرْقَرِها جانحهْ
تسْتقْدَحُ العودَ بأطرافها ونَغمة في كبدي قادحَه
قال ابنُ المعتز:
طالَ النهارُ، فأينَ الليلُ والسهرُ إنّي لبَدري وبَدرِ اللّيلِ مُنتَظِرُ
يا طولَ شَوقي إلى نَومِ الرّقيبِ وقد خَلا حَبيبيَ لي حتى بَدا السّحَرُ
يا قَلب صَبرًا على يومِ الفِراقِ فقَد حَقّ الذي منهُ حقًّا كنتُ أنتَظِرُ
يا شوقُ خُذ من حَياتي واترُكَنّ زَما نَ البَينِ، ما في حَياتي بعدَهم وَطَرُ