صديقي المقرب بلا مأوى
هذا تشارلي.. ويرغب اليوم في أن يروي لكم قصته عن صديقه المقرب. قد تعتقد أنها قصة عادية عن الأصدقاء المقربين في أيام المدرسة، لكن هذا ليس صحيح. فقد تعرف تشارلي على رجل بلا مأوى وتمكنا من مساعدة بعضهما البعض كثيراً. استمع إلى قصته المدهشة.
يتذكر جيداً ذلك اليوم الفظيع، كان حينها يدرس الفيزياء. كان يكره هذه المادة لسببين: السبب الأول هو أنه لا يفهم هذه المادة على الإطلاق. فهذه المادة الوحيدة التي تجعله يشعر كأنه جاهلاً تماماً. السبب الثاني متصل بالسبب الأول. كان والد تشارلي عالماً في الفيزياء ويعتقد أن الابن الذي لا يحصل على أعلى الدرجات في مادة الفيزياء هو عار وخزي بالنسبة إليه، كأب وعالم وكإنسان بصفة عامة. جرب تشارلي كل شي لكي يشرح له أنه لن يكون ظليعاً بهذه المادة مهما فعل. حتى أنه حاول أخذ دروس خصوصية في الفيزياء. لكن لا جدوى من ذلك.
كان ذلك اليوم القشة التي قسمت ظهر البعير. حصل تشارلي على علامة رديئة في مادة الفيزياء مجدداً. عاد إلى المنزل في أتم الاستعداد لسماع محاضرة أخرى من والده، طويلة ومملة حول الأوليات. ولكن هذه المرة لم تكن كغيرها من المرات. إذ تمادى والده في الأمر، وكان يصرخ غاضباً: أنا لست في حاجة إلى ابن غبي مثلك! ليس لدي ابن بعد الآن. حسناً، كانت ردة فعله مبالغ فيها. شعر تشارلي بالإهانة كثيراً. لذا حزم أمتعته، وغادر المنزل. بدت له الفكرة جيدة، ورغب في أن يقضي بضع أيام في الشارع. كانت الليالي دافئة، وكان والداه سيجدانه إن ذهب ليقيم عند أصدقائه. سيدرك والده بحلول ذلك الوقت، كم كان قاسياً معه. و بالطبع، ترك هاتفه في المنزل.
وكما يقال تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن. حل المساء! وهو لا يزال يحوم في الشوارع يبحث عن مكان ينام فيه. لم يكن الأمر سهلاً. ففي النهاية، لم يكن لديه خيار سوى البحث عن مكان ينام فيه تحت الجسر. وعندما وصل إلى هناك، لمح مجموعة من المشردين، أدرك حينها أنها لم تكن فكرة سديدة وخف حماسه. وبدأ يفكر بجدية في العودة إلى المنزل، وحينها قدم رجل ودود نحوه وسأله: " مرحباً يا بني. هل تبحث عن مكان تنام فيه؟ " كان يبتسم له بطريقة لطيفة، وكان يبدو شخصاً طيباً بوجه نظيف وملابس قديمة ولكن نظيفة. فقرر أن يظل هناك لبعض الوقت وانضم إليه بالقرب من النار.
كانت تبدو عليه علامات الفضول وسأله كيف له أن يقضي الليلة بمفرده بعيداً عن والديه. شعر تشارلي أن قصته سخيفة تماما،ً ولكن رواها له على أي حال. كان هذا الرجل مسلياً للغاية." إذن، هل قلت لي أن لديك مشاكل مع الفيزياء، أليس كذلك؟ ما هو الموضوع الذي حصلت فيه على درجات رديئة؟" قانون نيوتن الثاني. فأجابه: "ولكن لماذا؟"
تبين أن صديقه الجديد يدعى بوب. كان مدرس فيزياء متقاعد، انتقل إلى هناك من دولة أخرى. استخدم كل مدخراته لشراء منزل جديد ولكنها كانت عملية احتيال ولم يتبقى له مكان يذهب إليه أو عائلة يلتجئ إليها. كما رغب في الحصول على وظيفة لكنه لم يتمكن من ذلك لأنه بلا مأوى. وانتهى به الأمر مع مجموعة من المشردين. ولكن ظلت معنوياته إيجابية. كانت قصته ملهمة إلى حد كبير! للصراحة، شعر تشارلي بأنه أحمق. وقال له: "يجب أن أعود إلى منزلي. لقد كنت مخطئاً والوقت أصبح متأخراً ". قال بوب بأن قراره كان حكيماً وأنه سيرافقه في طريقه إلى المنزل.
بينما كانا في طريق العودة، راح تشارلي يتساءل كيف له أن يطلب من بوب أن يعطيه بعض الدروس الخصوصية في الفيزياء، ستكون وظيفة له و استفادة لتشارلي. ولكنه نسي كل شي بمجرد أن فتح الباب ووجد أمه تبكي وتعانقنه، وبدا له والده محرجاً للغاية. انتهى وقت العناق، ولاحظ تشارلي أن بوب يعود أدراجه بهدوء. فصرخ: "انتظر! " وأصر عليه أن يدخل المنزل، وشرح لوالديه من هو بوب وقدم له فنجاناً من القهوة كرد للمعروف. بدا والده مهتما ًحقاً وبدأ يحادثه حول الفيزياء. وكانت أمه ممتنة جداً لأنه عاد إلى البيت بخير وعافية.
بهذه الطريقة، انتهى ذلك اليوم. وهكذا التقى بصديقه المقرب بوب. ربما تتساءل: "هل هذا كل شيء، لقد قلت أنكما ساعدتما بعضكما البعض، ولكن يبدو أن بوب هو الوحيد الذي ساعدك هنا!" اطمئن، لقصته نهاية سعيدة. أعجب والده ببوب كثيراً واقترح عليه حلاً، إذ كانوا في أمس الحاجة إلى تقنيّ في المختبر، لذلك منح بوب هذه الوظيفة. وبالتالي، تمكن صديقه من استئجار شقة. وفي نفس الوقت، طلب منه تشارلي أن يعطيه دروساً خصوصية في الفيزياء وسرعان ما تحسنت علاماته وعلاقته مع والده. كانت حياته وحياة بوب ستكون أسوأ من هذا إن لم يتلقيا ببعضهما البعض، وهو فخور بأن يقول إن بوب كان بلا مأوى في السابق والآن هو صديقه المقرب، ويأمل أن بوب يعتبره صديقه المقرب أيضاً.